فرنسا

الوجه الحقيقي للعلاقات الفرنسية-الجزائرية

2025-05-07 03:00:00

التاريخ العجيب للعلاقات الفرنسية الجزائرية

منذ استقلال الجزائر في عام 1962، كان من المتوقع أن تُتعامل البلاد على الصعيد الدبلوماسي فقط. ومع ذلك، لا تزال الجزائر تشغل مكانة بارزة في السياسة الداخلية الفرنسية، مما يبرز التناقض الكبير في هذه العلاقة. لا يوجد بلد آخر يمتلك تاريخًا مشتركًا غنيًا ومعقدًا مع فرنسا مثل الجزائر، والذي تمحور حول الفشل والفرص الضائعة.

الأبعاد السياسية والديبلوماسية

في تقرير صدر في مايو 2023، أشار الدبلوماسي الفرنسي السابق، كسافيير دريينكورت، إلى الشروط المواتية الممنوحة للمواطنين الجزائريين بموجب الاتفاق الذي تم توقيعه في ديسمبر 1968. ورغم هذه المعطيات الإيجابية، واجه دريينكورت انتقادات شديدة من النظام الجزائري، حيث تم استهدافه من قبل وسائل الإعلام الجزائرية وخلال تعليقات الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون. يجمع دريينكورت بين خبرته الدبلوماسية وتحليلاته العميقة لتقديم رؤية ثاقبة حول العلاقات المعقدة بين البلدين.

التحولات السريعة بعد الاستقلال

تاريخ العلاقات بين الجزائر وفرنسا اتسم بتغيرات جذرية منذ البداية، حيث أدى الانقلاب الذي وقع في يوليو 1962 بعد أربعة أشهر فقط من اتفاقيات إيفيان إلى دخول الجزائر في فترة جديدة من الحكم. يظهر القادة مثل بن بلة وبومدين وبوتفليقة كجزء من نظام مستبد يعزز من هيمنة حزب جبهة التحرير الوطني، الذي لا يزال يسيطر على الجيش.

سياسة القيادة الفرنسية

عبر تاريخ العلاقات، اتسمت مواقف الرؤساء الفرنسيين، من ديغول إلى ماكرون، بتوجهات تميل إلى ما يُعرف بـ"الحنو العفوي" تجاه النظام الجزائري. إذ إن هذه النزعة تتيح لبعض الساسة الفرنسيين إغفال الانتهاكات التي تحدث في الجزائر تحت حكم السلطة القائمة.

تحديد العلاقة غير المتكافئة

الأثر المباشر لسياسات الحكومة الفرنسية يمكن ملاحظته أيضًا في العلاقات ثنائية الاتجاه. الاتفاق الذي يتيح للجزائريين الدخول إلى فرنسا قد أرسى نوعًا من الضغط المتعلق بالإقامة. كما أدت في بعض الأحيان إلى إحباطات كبيرة من جانب السلطات الفرنسية في قضايا مثل إعادة المهاجرين غير الشرعيين، حيث تكبدت فرنسا صعوبات في الحصول على تصاريح العودة من الجزائر.

  ما هي التدابير التي تم اعتمادها بالفعل من خلال النصوص التي تم التصويت عليها خلال العشرين عامًا الماضية؟

التحديات المعاصرة

مع الاعتراف الفرنسي بسيادة المغرب على الصحراء الغربية في يوليو الماضي، أغرقت العلاقات الدبلوماسية في أزمة جديدة. تم تبادل الطرد المتبادل للدبلوماسيين، مما يعكس مدى العمق الذي وصلت إليه التوترات بين الجزائر وفرنسا.

الشبكات الجزائرية في فرنسا

يتمتع النظام الجزائري بشبكات مختلفة في فرنسا، بما في ذلك شبكات دبلوماسية وقنصلية متعددة. تملك الجزائر 20 قنصلية في فرنسا، في حين تمتلك فرنسا ثلاثة فقط في الجزائر. كما تلعب المساجد والمراكز الثقافية دورًا هامًا في تعزيز العلاقات بين الجاليتين. بعض هذه الشبكات تشمل أيضاً مؤثرين ومنظمات تروج لمواقف الجزائر.

الحاجة إلى التوازن في العلاقات

تظهر الاختلافات بشكل أقوى فيما يتعلق بمجال الهجرة. مع منح الجزائريين امتيازات تفوق تلك المقدمة لمواطني الدول الأخرى، في حين تعاني فرنسا من عدم تعاون القنصليات الجزائرية في قضايا الترحيل. يرى دريينكورت أن أساس العلاقات الدبلوماسية هو التبادلية، وغالبًا ما تكون الجزائر غير قادرة على الوفاء بالتزاماتها، بينما تظل فرنسا ملتزمة بتلبية احتياجات الجالية الجزائرية.

الإمكانيات المستقبلية

يوصي دريينكورت بتفكيك الاتفاقيات القائمة التي تعطي الجزائر مزايا غير متكافئة، واقترح تبني سياسة أكثر صرامة تجاه قضايا التأشيرات والمهاجرين. يرى أنه يجب على فرنسا استغلال الأدوات المتبقية لديها لتعزيز موقفها في هذه العلاقة غير المتكافئة، ولكن ذلك يتطلب إرادة سياسية قوية.