2015-09-10 03:00:00
موجات الهجرة: دروس من التاريخ
الموجة الرابعة للهجرة في السويد
خلال الفترة من خمسينيات القرن الماضي حتى السبعينيات، شهدت السويد موجة رابعة من الهجرة التي تزامنت مع نمو الرفاهية وبناء الدولة الاجتماعية. كانت هذه الفترة حيوية لعجلة الاقتصاد السويدي، حيث جذبت البلاد العديد من المهاجرين من دول مختلفة. الأعداد الكبيرة من الفلنديين، اليوغوسلافيين، واليونانيين التي وفدت إلى البلد، كانت ضرورية لتلبية احتياجات سوق العمل. يُذكر أن حوالي 450,000 شخص قدموا من فنلندا وحدها بين عامي 1945 و1985.
تجدر الإشارة إلى أن السويد استقبلت أيضًا اللاجئين من دول البلطيق خلال الحرب العالمية الثانية، ومن هنغاريا في عام 1956، واليونان في عام 1967، وبولندا وتشيكوسلوفاكيا في عام 1968، وتشيلي عام 1973، وتركيا في عام 1976، وفيتنام عام 1979. معظم هؤلاء المهاجرين أسهموا بشكل كبير في دفع الاقتصاد، حيث كان المهاجرون العاملون يدفعون ضرائب أكثر من المساعدات التي تلقوها، في حين كان اللاجئون بدءًا مكلفين، لكن سرعان ما أصبحوا جزءًا فعّالاً من القوة العاملة.
تجاهل التاريخ في النقاشات المعاصرة
على الرغم من هذه الحقائق التاريخية، يبدو أن الكثير من المناقشات حول الهجرة في الوقت الحاضر تفتقر إلى الوعي بماضي البلاد. يتم التركيز بشكل أساسي على تجارب الهجرة الأخيرة، وغالبًا ما يتم تجاهل العوامل التاريخية التي تسهم في تشكيل هذه النقاشات. يجب أن نأخذ في الاعتبار أن العداء تجاه المهاجرين في السويد لم يكن ظاهرة ملحوظة قبل النصف الثاني من الثمانينات. فقد بدأ هذا التوجه عندما بدأت مجموعات من اليمين المتطرف وغيرها في صياغة Narratives سلبية عن الهجرة، في الوقت الذي كان فيه العديد من الفارين من الحروب يسعون إلى ملاذ في الدول الغنية بأوروبا الغربية.
الدروس من التسعينيات
تمثل فترة التسعينيات درسًا إضافيًا مهمًا يتطلب الاستذكار. ففي تلك الفترة، استقبلت السويد تدفقًا ملحوظًا من اللاجئين بحثاً عن الأمان من مناطق النزاع في يوغسلافيا السابقة. بين عامي 1993 و1994، استقبلت البلاد نحو 80,000 شخص، مما يعكس قدرة السويد على الاستجابة للأزمات الإنسانية. هذه التحولات التاريخية تُظهر كيف أن الهجرة ليست جديدة بالنسبة للسويد، بل هي جزء أصيل من تاريخها الذي يساهم في بناء هويتها الاجتماعية والاقتصادية.
فهم الخوف من الهجرة
تتجاوز المخاوف الحالية من الهجرة المعلومات السطحية، إذ يمكن أن تُعزى الكثير من هذه المواقف إلى غياب الوعي التاريخي. يتعامل عدد كبير من المنظومات الاجتماعية والسياسية مع الهجرة كقضية على أساس الوقت الراهن دون فحص الدروس المستفادة من الماضي. قلة من الأفراد والمناقشين يعبرون عن فهم شامل لتأثير الهجرة التاريخي. إن الفشل في الاعتراف بفضل المهاجرين في تعزيز الاقتصاد وتقديم الدعم خلال الفترات العصيبة يُعزز من مشاعر الخوف والتحفظ.
تستمر التحديات الناتجة عن الفهم الخاطئ للمواضيع التاريخية في تأثيرها على السياسات العامة والآراء الاجتماعية. لذا، يُعتبر تعزيز الوعي التاريخي أداة ضرورية لمواجهة الهواجس المتعلقة بالهجرة وتقدير دور المهاجرين في المجتمعات، وبدلاً من أن تكون الهجرة سببًا للخوف، يجب أن تُعتبر فرصة للنمو والتطوير.
